دعاء الاستفتاح ومتى يقال

دعاء الاستفتاح هو من السنن المؤكدة التي تُتلى في بداية الصلاة بعد تكبيرة الإحرام وقبل قراءة الفاتحة، وهو من الأذكار التي تُهيئ القلب وتجعل المصلي في حالة خشوع وتركيز على الصلاة. وقد اختلف العلماء في بعض تفاصيل هذا الدعاء، إلا أن مجملهم اتفق على أهميته وفائدته في تهذيب النفس وتهيئة العبد لمناجاة ربه بخشوع.

تعريف دعاء الاستفتاح

دعاء الاستفتاح هو أدعية معينة تُقرأ في بداية الصلاة، بعد تكبيرة الإحرام، وتهدف إلى التبرؤ من الرياء والسمعة، وطلب العون من الله وحده، وطلب القبول والتوفيق في أداء الصلاة على الوجه الأكمل. وهي من السنن الروحية التي تزيد من خشوع القلب وتطهير النفس، وتسمح للمصلي بأن يبدأ صلاته بحالة نفسية وروحية سليمة. وتختلف نصوص دعاء الاستفتاح باختلاف المذاهب، لكن الهدف الأساسي واحد.

النصوص المتداولة لدعاء الاستفتاح

أكثر النصوص شيوعًا هي ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها:

• اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقّني من خطاياي كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد.

• سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.

• اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين.

• اللهم افتح لي أبواب رحمتك.

ويجوز قراءة أي من هذه الأدعية أو غيرها مما ثبت في السنة.

متى يقال دعاء الاستفتاح؟

يبدأ دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، التي تُقال بها “الله أكبر” عند بدء الصلاة، ودون أن يتحرك المصلي من مكانه، ويُقرأ قبل الفاتحة مباشرة. وهو أول الأذكار التي تُقال داخل الصلاة بعد الدخول فيها.

توضيح توقيت دعاء الاستفتاح بشكل أدق:

1. بعد تكبيرة الإحرام مباشرة: حين يقول المصلي “الله أكبر” للدخول في الصلاة، يبدأ بدعاء الاستفتاح.

2. قبل قراءة الفاتحة: يجب أن يُقرأ دعاء الاستفتاح قبل قراءة سورة الفاتحة، لأنه من السنن المؤكدة للتهيئة الروحية للصلاة.

3. في كل ركعة من الصلاة: يُسن للمصلي أن يقول دعاء الاستفتاح في كل ركعة من ركعات الصلاة، بحيث يُردد الدعاء في بداية كل ركعة جديدة بعد تكبيرة الإحرام فيها.

4. في الصلوات التي يبدأ فيها المصلي تكبيرة الإحرام: أي في كل صلاة مفروضة أو سنة أو نافلة، يُقال الدعاء بعد التكبيرة الأولى.

حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة

اتفق جمهور العلماء على أن دعاء الاستفتاح من السنن المؤكدة في الصلاة، وأنه يُستحب اتباعه لما فيه من الفضل والثواب، قال النووي: “دعاء الاستفتاح من السنن الرواتب التي يجب اتباعها بعد تكبيرة الإحرام”.

وفي مذهب الإمام أحمد وابن حنبل والمالكية، كان يُستحب قراءة دعاء الاستفتاح، بينما في المذهب الحنفي يفضل قراءة ذكر “سبحانك اللهم وبحمدك” فقط. أما الشافعية فيقرون بجوازه وفضله.

والخلاصة أن الدعاء مستحب جدا لما فيه من زيادة الخشوع وتهيئة القلب لاستقبال الصلاة بتركيز.

فوائد دعاء الاستفتاح الروحية والعملية

دعاء الاستفتاح هو بداية روحية تضبط نفسية المصلي، وتجعله مستعدًا لخوض تجربة روحية عميقة مع ربه. من أبرز فوائد هذا الدعاء:

• التطهر من الذنوب: الدعاء الذي يطلب التطهر يغسل القلب من الذنوب ويحضر الإنسان لحالة من الطهارة الروحية.

• طلب الرحمة والمغفرة: الدعاء يفتح أبواب الرحمة الإلهية، فيقبل الله الصلاة برحمته.

• زيادة الخشوع: بذكر عظمة الله وتقديسه، يهيئ الدعاء النفس للخشوع والتركيز.

• التهذيب النفسي: الدعاء يبعد العبد عن الرياء والسمعة، فيبدأ الصلاة بصدق ونقاء.

• توحيد النية: يثبت المصلي على توحيد الله ويبدأ الصلاة بنية صافية.

اختلاف العلماء في قراءة دعاء الاستفتاح

بينما يتفق العلماء على فضل الاستفتاح، اختلفوا في نصوص الدعاء وأسلوب قراءته، ومنها:

• مذهب الحنفية: يستحب قراءة “سبحانك اللهم وبحمدك” فقط، دون باقي الأدعية.

• مذهب المالكية والشافعية: يستحب قراءة أدعية كاملة، من بينها: “اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب” وغيرها.

• مذهب الحنابلة: يشجعون على قراءة الأدعية المطولة في الاستفتاح.

والاختلاف لا يضر، لأن الهدف واحد وهو تحضير النفس للصلاة.

أمثلة من أدعية الاستفتاح المشهورة

فيما يلي جدول يضم أشهر نصوص دعاء الاستفتاح التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم:

كيف يساعد دعاء الاستفتاح في تعزيز الخشوع؟

الخشوع هو الركيزة الأساسية في قبول الصلاة، ودعاء الاستفتاح وسيلة فعالة لتعزيز هذا الشعور، إذ يعمل على:

• نقل المصلي من حالة الهموم والمشاغل إلى حالة روحية صفية.

• تذكير العبد بعظمة الله وقدرته.

• استحضار التوبة والتطهر الداخلي.

• جعل النية خالصة لله وحده.

• إزالة التشويش الداخلي والتفكير المشتت.

كل ذلك يجعل أداء الصلاة أكثر روحانية وعمقًا.

الدعاء والاستفتاح في الصلوات الجهرية والسرية

في الصلوات الجهرية (الفجر، المغرب، العشاء)، يقرأ الإمام دعاء الاستفتاح بصوت مسموع، فيسمع المأمومون الدعاء ويخشعون معه. أما في الصلوات السرية (الظهر والعصر)، فإن الدعاء يُقرأ سرًا بصوت منخفض حتى لا يزعج المصليين الآخرين.

وهذا يضمن أن يبقى الدعاء جزءًا من التركيز والخشوع في الصلاة، سواء كان جهرًا أو سرًا.

الخلاصة العلمية لدعاء الاستفتاح

دعاء الاستفتاح هو من السنن التي شرعها النبي صلى الله عليه وسلم لتعزيز الخشوع في الصلاة، وتطهير النفس قبل البدء بقراءة الفاتحة. يبدأ بعد تكبيرة الإحرام مباشرة، ويُتلى في كل ركعة من ركعات الصلاة.

رغم اختلاف النصوص بين المذاهب، إلا أن الهدف واحد وهو تحضير القلب والخشوع، وطلب الرحمة والمغفرة من الله. الدعاء يؤكد على التوبة والابتعاد عن الذنوب والرياء، ويُعد بمثابة تهيئة روحية للنفس لتقبل العبادة.

الحفاظ على هذا الدعاء في بداية الصلاة هو أمر مستحب وذو فضل كبير، لما فيه من تقوية العلاقة بين العبد وربه، وتحقيق خشوع النفس وصدق العبودية.

المراجع

1. النووي، شرح مسلم، دار الفكر، بيروت، 1998.

2. فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، دار الكتب العلمية، بيروت.